القائمة الرئيسية

الاثنين، 24 يونيو 2019




من الخيال العلمى  
من رواية البعث للدكتورة أميمة خفاجى


وظهر ابليس فى ثوبه الحديث ليغرى آدم من جديد بالبحث عن شجرة الخلد والملك الذى لا يبلى. مسألة تحيره، تشقيه، خاصة بعد خروج "أشجان" للحياة مرة أخرة، كيف يبعثه بذاكرته، بتاريخه ليُكمل مسيرته ويُبعث من جديد فى حياة ثانية ثم ثالثة ورابعة.. بلا نهاية ليتحقق بذلك الهدف المنشود بتحقيق أسطورة الخلود على الأرض..والقضاء على شبح الموت والعدم، وكما ستتعدد النهايات بتكرار الموت، ستتعدد الحيوات. ولن ننتهى حياته أبدًا.
وإذا كان "أدهم" قد نجح فى تحريرها من المشفى، فمن بوسعه تخليصها من سجنها الحقيقى، من جسدها الذى استباحوه الآن بتسخيره لتجاربهم، كما استباحوا جثتها من قبل، فنبشوا قبرها وعبثوا بجثتها، لتُبعث من جديد فى ثوب ليس بثوبها، يا لجرأتهم تلك..ألا يخافون الله..؟! لكن هل جثتها تلك هى الجثة التى نبشوا قبرها أم جثة توأمتها..؟!
يضطرب إبليس بخزى فهو يعلم جيدًا:أنه لا الجسد جسدها ولا الروح روحها.
***
كم عدد المرات التى نشرت فيها وطويت صفحات المجلة..؟!
لا تدرى..
كانت السطور تجرى خلف بعضها البعض، تتسابق أمامها بلا رحمة، فلا تستطيع ملاحقتها.. والدموع تنساب على وجنتيها من هول ما تقرأ، والكلمات تميط اللثام عن الحقيقة المستورة.. ليرتجف كل ما فيها.
وأخيرًا "حلت" شفرة حياتها، ولغز مرضها، وسر أمها وغموضها.
كلا .. لم يفجعها كل ما عرفت من أسرار..
فقد روضها المرض فأفقدها القدرة على الإحساس والشعور بأية فجيعة أخرى.. لتتساوى لديها كل الأشياء المرة والحلوة.. لتفقد الإحساس بالحياة والزمن..!

وكيف تكون هناك فجيعة أو مصيبة أدهى مما هى فيه..؟!
فهى فى مصيبة أشد وأقوى من كل المصائب والنوائب والرزايا..؟! لقد انفرد البلاء بها، فحل بها وحدها دون الآخرين.. فأصابها بعلل لم يُصَبْ بها إنسان آخر فى الوجود كله.

كيف يحدث لها كل ذلك وهى من الرقة بحيث تشعر بمصيبة الغير وكأنها تصيبها هى وحدها، لا غيرها، فتتألم لألم كل حزين، وتحزن لحزن كل بائس، و شقى..؟!
انبعث صوتها كأنات حائرة تُقطعه العبرات: ألا يخيفك مظهرى يا"أدهم"..؟! هل صدقت ما قيل عنى و..إننى م .. ت.. و.. حشة.. ومخيفة..؟!
ـ مستحيل ..كيف أصدقهم..؟! أأنتِ متوحشة..! أنتِ يا "أشجان"..؟! كيف..؟! ولم يوجد فى الدنيا قدر رقتكِ وعطائكِ .. ولو لم يكن فى كفيكِ سوى روحكِ لجدتِ بها لسائلك.
ابتسمت متضاحكة: هل رأيت فأرة كبيرة ضخمة مثلى أنا..؟! أمازلت تحبنى ، بعد كل ماحدث لى..؟!
ـ أنا أحببتكِ كما أنتِ.. لا كما يجب أن تكونى.. أو كما يفترض أن تكونى.
أغمض "أدهم" عينيه فى سبات عميق.. مثلها تمامًا.. وهدأ..!!
وراح يحدثها: لن اترككِ يا حبيبتى، فأنا معكِ أينما كنتِ، فلتنامى ولتهدئى علَّنا نستريح،
فهنا لا تقع العين على غيرى ولا غيركِ .. ولا يطلع إنسان على سرى ولا سركِ.
***


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق